ترجمة: هاجر العاني
اسم الكتاب : افكار عن حياة في الطب
تأليف: شيروين ب. نولاند
الكاتب - الطبيب الشهير (شيروين ب. نولاند)- وهو استاذ جامعي رصين في الجراحة في (يال) ومؤلف تسعة كتب سابقة والفائز بجائزة الكتاب الوطني- مؤمن بالمعجزات ، ليست تلك العادية التي توقف القوانين الطبيعية وانما الظواهر والحوادث التي لا يمكن ان تفسرها المعرفة العلمية الحالية وربما لن تفسرها ابداً.وفي كتاب " الفن غير الاكيد : افكار عن حياة في الطب " ، وهو مجموعة مبهجة مؤنـِـسة من المقالات العـَـرَضية وكلها تقريباً صدرت في مجلة (الطالب الامريكي) ، يكون الدكتور (نولاند) على رسله في اتباع اهتماماته حيث تقوده - الى التاريخ الطبي ودراسة أصل الكلمات وحتى نقد الفن - وهو يكتب عن بهجة ممارسة التمارين وكارثة الحادي عشر من ايلول ورضا التأليف وألم فقدان صديق عزيز - غير ان اكثر المقالات جاذبية واثارة للتفكير تتعامل مع مواضيع غامضة وغير مهدئة للاعصاب.
ويمكن الاستمتاع بهذه القطع الادبية لاجل المتعة البسيطة العلمية الخيالية لمواجهة ما يتعذر تفسيره ، ومع ذلك لدى (د. نولاند) غاية اكبر في ذهنه وهي تقويض الحقائق الانيقة عن العلم الحديث ، وبالتأكيد على الاستثنائية يسعى الى تحدي اعتماده غير الاتعكاسي عادة ً والخاص بمهنته (اعتماده) على التكنولوجيا والى تجديد علاقة الطبيب بالمريض والرابطة الانسانية شديدة الحساسية الى محور الممارسة الطبية .
وهو يصر على انه يجب على الاطباء ان يكونوا اكثر من فنيين متخصصين، اذ عليهم ان يكونوا قبل كل شئ انسانيين ويؤمنون بالحدس ومقدرين فردية كل مريض ووضعه الخاص حق قدرهما واصحاب مهنة ذوي فن خصوصي ولا يمكن التنبوء به وغير اكيد ، والمعالجون الحقيقيون يفهمون هذا ، ويكتب (د. نولاند) قائلاً " ان تكون مرتاحاً للشك هو الهدف الرئيس في تدريب طبيب ما".
وهكذا يقود الكاتب القراء الى عوالم "مذهلة" حيث لا يقدم العلم أي تفسير ، وهو يسافر الى الصين ليقرر مباشرة ً اذا كان الوخز بالابر تقنية فعالة ، وبعد ان يشهد عمليتي وخز بالابر ويتحدث الى رئيس جامعة شانغهاي الطبية الذي كان هو نفسه قد خضع الى عمليتي وخز بالابر في الغدة الدرقية يأتي بعد غياب مؤمناً بهذا العلاج - برغم ان الاجراء " لم يكن قد تم تفسيره بعد بلـُـغة مقبولة لأغلب العلماء الغربيين التقليديين باستخدام مناهج بحثية غربية تقليدية ".
والعلم كما نعرفه قد قطع في اقل تقدير جزءاً من الطريق باتجاه فهم الوخز بالابر ومفاد هذا الفهم هو ان الابر تحفز الدماغ بطريق ما ليزيد انتاجه من الافرازات الداخلية المهدئة للآلام ، ولكن سبب حدوث ذلك ليس واضحاً و(د. نولاند) راغب في ان يقوم بوثبة الى المجهول بحثاً عن تفسير حيث يكتب " ربما تكون الفلسفات مطلوبة ابعد من تلك التي كانت ناجحة جداً منذ ان اصبح المنهج العلمي تياراً كبيراً للتفكير الغربي ".
ويقول الشئ نفسه تقريباً عن العلاج بالصدمة الكهربائية وهو علاج فعال بشكل لا يمكن انكاره (فعال) في مقاومة الاكتئاب الموهـِـن ولكنه ايضاً خارج حدود العلم في اتجاهه السائد ، ويستخدمه الاطباء لانه ينفع الا انهم لا يفهمون سبب نفعه ، وفي كتاب سابق وصف (د. نولاند) تجربته مع العلاج بالصدمة الكهربائية خلال معركة مطولة مع الاكتئاب الشديد ويكتب هنا ليقول " انه حقاً معجزة حديثة ".
واكثر الفصول شبحية في " الفن غير الاكيد" هو " العقل والجسد والطبيب" ويتعلق بـ "ازعاج مربـِـك " وهو تأثير الدواء الذي يـُـعطى لارضاء المريض ، ومنذ زمن (ابقراط) 1 و(جالينوس) 2 علم الاطباء عن الحالات التي شفي فيها الاشخاص من امراض خطيرة لانهم ببساطة كانت لديهم الارادة للشفاء ، عادة ً لا لسبب اكثر من رغبة في ارضاء طبيبهم ، وهذه ظاهرة اكثر شيوعاً مما قد يتصوره المرء.
ويقول (د. نولاند) " لكل طبيب نوادره عن هذا النوع من الامور وأنا لدي مقدار كبير منها " ، وهويكتب عن مرضى مصابين بامراض تقضي على حياتهم بقوا في قيد الحياة " مدة أبعد من تنبوءات كل الخبراء " لانهم ارادوا ان يشهدوا تخرج ابن لهم من الكلية او ليروا احد احبائهم للمرة الاخيرة وهو يخبرنا بأنه وعلى مدى سنوات كان يراقب فقرات النعي في صحيفته المحلية ويقول " كان عدد الوفيات يتقلص بشكل مثير قبل عيد الميلاد ويرتفع باندفاع عندما تنتهي العطلة " ، وفي مثال مدهش لتأثير الدواء المـُـرضي للمريض المتصف بعلو العقل على القضية المقلـِـقة يحرِّف الكاتب الـ " مؤسسة الطبية الاحيائية العقلانية اكثر من اللازم ككل " عن طريق القيام مرة اخرى بعرض كلمة "معجزة ".
والفصول الاخرى من الكتاب مستواها ادنى ، فـ " سرقة القبور " هو تاريخ مسلٍّ بشكل لا يقاوَم عن كيفية اعتياد الاطباء على الشروع في الحصول على جثث لاجل تجاربهم ، وكانت هناك قوانين ضد انتهاك قدسية الجثث لذا فقد وجب على الباحثين ان يعتمدوا على جحيم من المجهزين بغيضي الاخلاق ، وحتماً ان الاكثر عملاً بالمقاولة أخذوا على عاتقهم زيادة عدد الجثث الجديدة على مسؤوليتهم مع نتيجة ان واحداً من اكثر سيئي السمعة منهم أسهم في وضع اسمه كمدخل في قاموس اوكسفورد للغة الانكليزية- وقد ورد هكذا : "بيورك":burke] قتل (شخص) لبيع جثته لاجل التشريح ".
وهناك الكثير ليتم تعلمه من هذه القطع الادبية الموجزة واسعة المعرفة ، فلماذا نقول " ليباركك الله" بعد ان يعطس الشخص ؟ لانه تقليدياً كان المعتقد ان عطسة طردت الروح من الجسد مما يتطلب دعاء ً لاستعادتها.
وبعض المقالات اقل نجاحاً ، فملاحظات (د. نولاند) عن الحادي عشر من ايلول لاتضيف في الواقع شيئاً الى ملايين الملايين من الكلمات التي انفـِـقـَـت بالفعل على الهجمات ، وثمة مقالة عن التمارين اكثر قليلاً من التمرين في الاشارة بالاصبع تسبب الشعور بالذنب ، ولكن لا يوجد فصل اطول من صفحات قليلة وما دام لا يوجد جدال ممتد لتتبعه بامكان القارئ ان ينصرف عن القراءة بعض الوقت او يضع الكتاب جانباً عند اية مرحلة ويلتقطه فيما بعد. والكتاب مثالي للقراءة في المطار او الحمام ، ومن المحتمل ان (د. نولاند) فهم ذلك وربما كان ذلك هو السبب في انه ضـَـمَّــن الكتاب قطعة عن حركات الامعاء واتتظامها ، وبعد كل هذا أي مكان أفضل من الحمام للتعلم بأن من المحتمل ان قدماء المصريين كانوا مـَـن اخترع الحقن الشرجية ؟
اسم الكتاب : افكار عن حياة في الطب
تأليف: شيروين ب. نولاند
الكاتب - الطبيب الشهير (شيروين ب. نولاند)- وهو استاذ جامعي رصين في الجراحة في (يال) ومؤلف تسعة كتب سابقة والفائز بجائزة الكتاب الوطني- مؤمن بالمعجزات ، ليست تلك العادية التي توقف القوانين الطبيعية وانما الظواهر والحوادث التي لا يمكن ان تفسرها المعرفة العلمية الحالية وربما لن تفسرها ابداً.وفي كتاب " الفن غير الاكيد : افكار عن حياة في الطب " ، وهو مجموعة مبهجة مؤنـِـسة من المقالات العـَـرَضية وكلها تقريباً صدرت في مجلة (الطالب الامريكي) ، يكون الدكتور (نولاند) على رسله في اتباع اهتماماته حيث تقوده - الى التاريخ الطبي ودراسة أصل الكلمات وحتى نقد الفن - وهو يكتب عن بهجة ممارسة التمارين وكارثة الحادي عشر من ايلول ورضا التأليف وألم فقدان صديق عزيز - غير ان اكثر المقالات جاذبية واثارة للتفكير تتعامل مع مواضيع غامضة وغير مهدئة للاعصاب.
ويمكن الاستمتاع بهذه القطع الادبية لاجل المتعة البسيطة العلمية الخيالية لمواجهة ما يتعذر تفسيره ، ومع ذلك لدى (د. نولاند) غاية اكبر في ذهنه وهي تقويض الحقائق الانيقة عن العلم الحديث ، وبالتأكيد على الاستثنائية يسعى الى تحدي اعتماده غير الاتعكاسي عادة ً والخاص بمهنته (اعتماده) على التكنولوجيا والى تجديد علاقة الطبيب بالمريض والرابطة الانسانية شديدة الحساسية الى محور الممارسة الطبية .
وهو يصر على انه يجب على الاطباء ان يكونوا اكثر من فنيين متخصصين، اذ عليهم ان يكونوا قبل كل شئ انسانيين ويؤمنون بالحدس ومقدرين فردية كل مريض ووضعه الخاص حق قدرهما واصحاب مهنة ذوي فن خصوصي ولا يمكن التنبوء به وغير اكيد ، والمعالجون الحقيقيون يفهمون هذا ، ويكتب (د. نولاند) قائلاً " ان تكون مرتاحاً للشك هو الهدف الرئيس في تدريب طبيب ما".
وهكذا يقود الكاتب القراء الى عوالم "مذهلة" حيث لا يقدم العلم أي تفسير ، وهو يسافر الى الصين ليقرر مباشرة ً اذا كان الوخز بالابر تقنية فعالة ، وبعد ان يشهد عمليتي وخز بالابر ويتحدث الى رئيس جامعة شانغهاي الطبية الذي كان هو نفسه قد خضع الى عمليتي وخز بالابر في الغدة الدرقية يأتي بعد غياب مؤمناً بهذا العلاج - برغم ان الاجراء " لم يكن قد تم تفسيره بعد بلـُـغة مقبولة لأغلب العلماء الغربيين التقليديين باستخدام مناهج بحثية غربية تقليدية ".
والعلم كما نعرفه قد قطع في اقل تقدير جزءاً من الطريق باتجاه فهم الوخز بالابر ومفاد هذا الفهم هو ان الابر تحفز الدماغ بطريق ما ليزيد انتاجه من الافرازات الداخلية المهدئة للآلام ، ولكن سبب حدوث ذلك ليس واضحاً و(د. نولاند) راغب في ان يقوم بوثبة الى المجهول بحثاً عن تفسير حيث يكتب " ربما تكون الفلسفات مطلوبة ابعد من تلك التي كانت ناجحة جداً منذ ان اصبح المنهج العلمي تياراً كبيراً للتفكير الغربي ".
ويقول الشئ نفسه تقريباً عن العلاج بالصدمة الكهربائية وهو علاج فعال بشكل لا يمكن انكاره (فعال) في مقاومة الاكتئاب الموهـِـن ولكنه ايضاً خارج حدود العلم في اتجاهه السائد ، ويستخدمه الاطباء لانه ينفع الا انهم لا يفهمون سبب نفعه ، وفي كتاب سابق وصف (د. نولاند) تجربته مع العلاج بالصدمة الكهربائية خلال معركة مطولة مع الاكتئاب الشديد ويكتب هنا ليقول " انه حقاً معجزة حديثة ".
واكثر الفصول شبحية في " الفن غير الاكيد" هو " العقل والجسد والطبيب" ويتعلق بـ "ازعاج مربـِـك " وهو تأثير الدواء الذي يـُـعطى لارضاء المريض ، ومنذ زمن (ابقراط) 1 و(جالينوس) 2 علم الاطباء عن الحالات التي شفي فيها الاشخاص من امراض خطيرة لانهم ببساطة كانت لديهم الارادة للشفاء ، عادة ً لا لسبب اكثر من رغبة في ارضاء طبيبهم ، وهذه ظاهرة اكثر شيوعاً مما قد يتصوره المرء.
ويقول (د. نولاند) " لكل طبيب نوادره عن هذا النوع من الامور وأنا لدي مقدار كبير منها " ، وهويكتب عن مرضى مصابين بامراض تقضي على حياتهم بقوا في قيد الحياة " مدة أبعد من تنبوءات كل الخبراء " لانهم ارادوا ان يشهدوا تخرج ابن لهم من الكلية او ليروا احد احبائهم للمرة الاخيرة وهو يخبرنا بأنه وعلى مدى سنوات كان يراقب فقرات النعي في صحيفته المحلية ويقول " كان عدد الوفيات يتقلص بشكل مثير قبل عيد الميلاد ويرتفع باندفاع عندما تنتهي العطلة " ، وفي مثال مدهش لتأثير الدواء المـُـرضي للمريض المتصف بعلو العقل على القضية المقلـِـقة يحرِّف الكاتب الـ " مؤسسة الطبية الاحيائية العقلانية اكثر من اللازم ككل " عن طريق القيام مرة اخرى بعرض كلمة "معجزة ".
والفصول الاخرى من الكتاب مستواها ادنى ، فـ " سرقة القبور " هو تاريخ مسلٍّ بشكل لا يقاوَم عن كيفية اعتياد الاطباء على الشروع في الحصول على جثث لاجل تجاربهم ، وكانت هناك قوانين ضد انتهاك قدسية الجثث لذا فقد وجب على الباحثين ان يعتمدوا على جحيم من المجهزين بغيضي الاخلاق ، وحتماً ان الاكثر عملاً بالمقاولة أخذوا على عاتقهم زيادة عدد الجثث الجديدة على مسؤوليتهم مع نتيجة ان واحداً من اكثر سيئي السمعة منهم أسهم في وضع اسمه كمدخل في قاموس اوكسفورد للغة الانكليزية- وقد ورد هكذا : "بيورك":burke] قتل (شخص) لبيع جثته لاجل التشريح ".
وهناك الكثير ليتم تعلمه من هذه القطع الادبية الموجزة واسعة المعرفة ، فلماذا نقول " ليباركك الله" بعد ان يعطس الشخص ؟ لانه تقليدياً كان المعتقد ان عطسة طردت الروح من الجسد مما يتطلب دعاء ً لاستعادتها.
وبعض المقالات اقل نجاحاً ، فملاحظات (د. نولاند) عن الحادي عشر من ايلول لاتضيف في الواقع شيئاً الى ملايين الملايين من الكلمات التي انفـِـقـَـت بالفعل على الهجمات ، وثمة مقالة عن التمارين اكثر قليلاً من التمرين في الاشارة بالاصبع تسبب الشعور بالذنب ، ولكن لا يوجد فصل اطول من صفحات قليلة وما دام لا يوجد جدال ممتد لتتبعه بامكان القارئ ان ينصرف عن القراءة بعض الوقت او يضع الكتاب جانباً عند اية مرحلة ويلتقطه فيما بعد. والكتاب مثالي للقراءة في المطار او الحمام ، ومن المحتمل ان (د. نولاند) فهم ذلك وربما كان ذلك هو السبب في انه ضـَـمَّــن الكتاب قطعة عن حركات الامعاء واتتظامها ، وبعد كل هذا أي مكان أفضل من الحمام للتعلم بأن من المحتمل ان قدماء المصريين كانوا مـَـن اخترع الحقن الشرجية ؟